الإشعارات
مسح الكل

الراقي المجتهد

1 مشاركات
1 الأعضاء
0 الإعجابات
81 مشاهدة
الراقي أبو عبادة
(@abo-obada)
المشرف العام
انضم: مند 6 أشهر
المشاركات: 195
بداية الموضوع  

 حكم الاجتهاد في الرقية:

 

الرقية ليست من باب التوقيف، فتجوز بكل آيات القرآن، وبكل دعاء مباح.

 

لما جاء عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ! كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ: (اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْك)([26]).

 

ويعوّل فيها على التجربة، لأنها من باب التداوي، فما ثبت بالتجربة أنه ينفع المريض جاز استعماله ما لم يكن فيه معصية أو ضرر ([27]).

 

ولا حرج في كتابة الرقية على ورق قابل للإذابة، بزعفران ونحوه، ما دام طاهرا، سواء كتب باليد، أو بالآلة، إذا خلا من الضرر.

 

والمهم أن يكون ثمة حبر أو مادة يكتب بها وتتحلل، لا أن تحفر على إناء أو على آلة، ويمر عليها الماء، فهذا لا فائدة منه ([28]).

 

قال ابن القيم رحمه الله عن الرقية من العَيْن: "ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن، ثم يشربها. قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة. ويُذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثرٌ من القرآن، ثم يغسل وتسقى. وقال أيوب: رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن، ثم غسله بماء، وسقاه رجلا كان به وجع"([29]).

 

ولا حرج في كتابة آيات من القرآن على بدن الإنسان للرقية والعلاج؛ لأن الأصل التوسعة في ذلك، واعتماده على التجربة.

 

قال ابن مفلح رحمه الله: "وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله [يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية] يكتب على جبهة الراعف [الذي أصابه نزيف من الأنف]: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ".

 

قال: ولا يجوز كتابتها بدم كما يفعله الجهال، فإن الدم نجس، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله"([30]).

 

لكن يجب البعد عما فيه امتهان القرآن بكتابة الآيات في مواضع غير لائقة: كالقبل، والدبر، والآباط، وأسفل القدم، والظهر إن كان يستلقي عليه ([31]).

 

ولا حرج كذلك في القراءة على الماء والتراب وصبه على المريض:

 

لما جاء عن ثابت بن قيس رضي الله عنه: "أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيه وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقَالَ: (اكْشِفْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بَطْحَانَ [واد في المدينة] فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ ثُمَّ نَفَثَ عَلَيْهِ بِمَاءٍ وَصَبَّهُ عَلَيْهِ) ([32]).

 

قال العظيم آبادي رحمه الله في "عون المعبود شرح سنن أبي داود": (وَصَبَّهُ عَلَيْهِ): أَيْ وَصَبَّ ذَلِكَ التُّرَاب الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ على ثَابِت بْن قَيْس. وَالْمَعْنَى: أَيْ: جَعَلَ الْمَاء فِي فِيهِ، ثُمَّ رَمَى بِالْمَاءِ عَلَى التُّرَاب، ثُمَّ صَبَّ ذَلِكَ التُّرَاب الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ عَلَى ثَابِت بْن قَيْس. وَإِنَّمَا جَعَلَ الْمَاء أَوَّلًا فِي فِيهِ لِيُخَالِط الْمَاء بِرِيق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمَاء نُفِثَ أَيْ رُمِيَ عَلَى التُّرَاب مِنْ غَيْر إِدْخَاله فِي فِيهِ ثُمَّ صَبَّه عَلَى ثَابِت بْن قَيْس" انتهى.

 

وعلى أيٍّ من الاحتمالين فالحديث يدل على جواز التداوي بصب الماء على المريض.

 

وقد عمل بذلك العلماء، فتداووا بشرب الماء المقروء عليه وبصبه على المريض.

 

قال ابن مفلح رحمه الله تعالى: "قال صالح - ابن الإمام أحمد بن حنبل -: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.

 

ونقل عبد الله بن الإمام أحمد أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه، ويصب على نفسه منه"([33]).

 

وإذا جاز القراءة في الماء وشربه، فإنه يجوز في غيره من المشروبات والمطعومات والأدوية المباحة، لأن العبرة بالكلام المقروء، ولأن هذا ثبت نفعه وليس فيه شرك ولا شيء من المحرمات فيكون جائزا


   
اقتباس