شروط الرقية والراقي
اشترط العلماء لجواز الرقى ثلاثة شروط استنبطوها من نصوص الأحاديث النبوية، وهي:
الشرط الأول: أن تكون بالقرآن أو بذكر الله تعالى وبالأدعية المشروعة.
قال ابن عبد البر رحمه الله: "لا أعلم خلافا بين العلماء في جواز الرّقية من العين، أو الحمة؛ وهي لدغة العقرب، وما كان مثلها، إذا كانت الرّقية بأسماء اللّه عزّ وجلّ، وممّا يجوز الرّقي به" ([5]).
الشرط الثاني: أن تكون باللغة العربية للقادر عليها، فلا يحل له أن يرقي بلغة لا يعرفها، خشية أن تحتوي رقيته على محرم، من حيث لا يدري.
فإذا كانت بغير العربية، لكن كانت مفهومة المعنى، وليس فيها ما ينهى عنه: فهي مشروعة، إن شاء الله، كما يجوز الدعاء بغير العربية، لا سيما في غير الصلاة.
قال الخطابي رحمه الله:" فأما الرقى فالمنهي عنه هو ما كان منها بغير لسان العرب فلا يدرى ما هو ولعله قد يدخله سحر أو كفر، فأما إذا كان مفهوم المعنى، وكان فيه ذكر الله تعالى؛ فإنه مستحب متبرك به والله أعلم" ([6]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما معالجة المصروع بالرقى، والتعوذات، فهذا على وجهين :
فإن كانت الرقى والتعاويذ مما يعرف معناها، ومما يجوز في دين الإسلام أن يتكلم بها الرجل، داعيا الله، ذاكرا له، ومخاطبا لخلقه، ونحو ذلك، فإنه يجوز أن يرقى بها المصروع، ويعوذ، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه أذن في الرقى، ما لم تكن شركا) وقال: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل).
وإن كان في ذلك كلمات محرمة مثل أن يكون فيها شرك، أو كانت مجهولة المعنى، يحتمل أن يكون فيها كفر ، فليس لأحد أن يرقى بها ولا يعزم، ولا يقسم، وإن كان الجني قد ينصرف عن المصروع بها، فإن ما حرمه الله ورسوله، ضرره أكثر من نفعه "([7]).
الشرط الثالث: أن يعتقد الراقي والمرقي أنّ الرقية مجرد سبب، ولا تؤثر إلا بإذن الله تعالى ([8]).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى" ([9]).
واشترطوا في الراقي: أن يكون مراقبًا لله تعالى، متقيًا له في السر والعلن، سهلًا سمحًا مع الناس لا يشق عليهم في أجرة أو ثمن دواء، مذكِّرًا لهم بأن الشفاء بيد الله تعالى وحده، ناصحًا لهم بالتوبة إلى الله وترك الذنوب التي هي سبب كثير من الآفات والابتلاءات.
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: يجوز استعمال الرقية من كل قارئ يحسن القرآن، ويفهم معناه، ويكون حسن المعتقد، صحيح العمل ويكون مستقيماً في سلوكه، ولا يشترط إحاطته بالفروع، ولا دراسته للفنون العلمية، وذلك لقصة أبي سعيد في الذي رقى اللديغ قال: وما كنا نعرف منه الرقية، أو كما جاء في الحديث([10])، وعلى الراقي أن يحسن النية، وأن يقصد نفع المسلم، ولا يجعل همه المال والأجرة، ليكون ذلك أقرب إلى الانتفاع بقراءته